روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | عبد الرحمن بن عوف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > عبد الرحمن بن عوف


  عبد الرحمن بن عوف
     عدد مرات المشاهدة: 4721        عدد مرات الإرسال: 0

هو عبد الرحمن بن عوف بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري ، صحابي قرشي، من أوائل الداخلين في الإسلام، أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى، شهد بدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، دفن بالبقيع.‏

كان إسم عبد الرّحمن بن عوف عبدَ الكعبة فسمّاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: عبدَ الرّحمن، ويكنى أبا محمّد، ولد بعد الفيل بعشر سنين. كان عبد الرحمن بن عوف رجلًا طويلًا فيه جَنَأ، أبيض مُشْرَبًا بالحمرة، حسن الوجه، رقيق البشرة، ضخم الكفّين، غليظ الأصابع. جُرح يوم أُحُدٍ إِحدى وعشرين جراحة، وجُرح في رِجْلِه فكان يَعْرُجُ مِنْهَا، وسَقَطَتْ ثنيتاه فكان أَهتم، وروى أنس بن مالك أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم رَخّصَ لعبد الرّحمن بن عوف في قميص من حرير في سفرٍ من حِكّة كان يجدها بجلده.

أَسلم قبل أَن يدخل الرسول صَلَّى الله عليه وسلم دارَ الأَرْقمِ، وكان أَحد الثمانية الذين سبقوا إِلى الإِسلام، وأَحد الخمسة الذين أَسلموا على يد أَبي بكر، وهاجر عبد الرّحمن بن عوف إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاريّ فقال له سعد: أخي أنا أكثر أهل المدينة مالًا فانْظُرْ شَطْرَ مالي فخُذْه، وتحتي امرأتان فانظر أيتهما أعجب إليك حتّى أطَلّقَها لك، فقال عبد الرّحمن بن عوف: بارك الله لك في أهلك ومالك، دُلّوني على السّوق، فدلّوه على السّوق فإشترى وباع فربح فجاء بشيئٍ من أقِطٍ وسمنٍ، ثمّ لَبِثَ ما شاء الله أن يلبث فجاء وعليه درع من زعفران، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: «مَهْيَمْ؟» فقال: يا رسول الله تزوّجتُ امرأة، قال: «فما أصْدَقْتَها؟» قال: وَزْنَ نواة من ذهب، قال: «أوْلمْ ولو بشاةٍ»، قال عبد الرّحمن: فلقد رأيْتُني ولو رفعت حَجَرًا رجوتُ أن أصيبَ تحته ذَهَبًا أو فضّةً.

وشهد عبد الرّحمن بن عوف بدرًا وأُحُدًا والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وثَبَتَ يوم أُحُدٍ، حين وَلّى النّاسُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.

بعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى دُومَة الجندل وعمَّمَه بيده، وسدلها بين كتفيه، وقال له:‏ ‏«سِرْ بِاسْمِ اللَّهِ»، وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه، ثم قال له:‏ ‏«‏إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَتَزَوَّجْ بِنْتَ مَلِيكِهِمْ‏»،‏ أو قال:‏ ‏«بِنْتَ شَرِيِفِهِمْ»، وكان الأصبغ بن ثعلبة الكلبيّ شريفَهم، فتزوَّج بنته تماضر بنت الأصبغ، وهي أمُّ ابنه أبي سلمة الفقيه‏.

[] مـــناقبه:

ورد أنَّ عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف نسمة، وقد كان عبد الرحمن حَرَّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وكان عبد الرحمن ممن يُفتى على عَهْد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وروى الزهري قال: تصدّق عبد الرحمن بن عوف على عَهْد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بشطر ماله، ثم تصدق بعد بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة، وكان أكثر ماله من التجارة وقيل: إنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدًا، وقال عُمَرُ: عبد الرحمن سيد من سادات المسلمين، وروى أبو الهَيَّاج قال‏: رأَيت رجلًا يطوفُ بالبيت وهو يقول:‏ اللهم قِنِي شُحَّ نفسي‏، فسألت عنه فقالوا:‏ هذا عبد الرّحمن بن عوف، وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: «عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ أَمِيْنٌ فِي الْسَّمَاءِ، أَمِيْنٌ فِي الْأَرْضِ»، ولما توفي عمر رضي الله عنه، قال عبد الرحمن بن عوف لأَصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة فيهم: من يُخْرِج نفسه منها، ويختار للمسلمين؟ فلم يجيبوه إِلى ذلك، فقال: أَنا أُخرج نفسي من الخلافة وأَختار للمسلمين، فأَجابوه إِلى ذلك وأَخذ مواثيقهم عليه، فإختار عثمان فبايعه، وكان عظيم التجارة مجدودًا فيها، كثير المال، قيل: إِنه دخل على أُم سلمة فقال: يا أُمَّهْ، قد خفت أَن يُهلكني كثرة مالي، قالت: يا بُنَيّ، أَنفِق، وروى سعد بن إِبراهيم، عن أَبيه: أَن عبد الرحمن أُتي بطعام، وكان صائمًا، فقال: قُتِل مصعب بن عمير، وهو خير مني فَكُفِّن في بردته، إِن غُطِّي رأْسهُ بدت رجلاه، وإِنْ غُطِّي رجْلاه بَدَا رأْسهُ -وأُراه قال: وقُتِل حمزة وهو خير مني- ثم بُسِط لنا من الدنيا ما بُسِط -أَو قال: أُعطينا من الدنيا ما أُعطينا- وقد خشينا أَن تكون حسناتنا عُجِّلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام. وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وراء عبد الرحمن بن عوف، وقال صَلَّى الله عليه وسلم حين صلّى خَلْفَ عبد الرّحمن بن عوف: «ما قُبض نبيّ قطّ حتّى يصلّي خلف رجل صالح من أُمّته»، وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: «ياابن عوف، إنّك من الأغنياء ولن تَدْخُلَ الجنَّة إلاّ زَحْفًا، فأقْرِضِ الله يُطْلِقْ لك قَدَمَيْكَ»، قال ابن عوف: وما الذي أُقْرض الله يا رسول الله؟ قال: «تبْدأ بما أمسيتَ فيه»، قال أمِنْ كُلّه أجْمَعَ يا رسول الله؟ قال: «نعم»، قال فخرج ابن عوف وهو يهُمّ بذلك فأرسل إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: «إنّ جبريل قال: مُرِ ابن عوف فَلْيُضِفِ الضّيْفَ، ولْيُطْعِمِ المِسْكِينَ، وَلْيُعْطِ السّائِلَ، وَيَبْدَأ بمَنْ يَعولُ فإنّه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه».

وروي أنه قَدِمَتْ عِيرٌ لعبد الرّحمن بن عوف، فكان لأهل المدينة يومئذ رَجَّةٌ فقالت عائشة: ما هذا؟ قيل لها: هذه عيرُ عبد الرّحمن بن عوف قدمت، فقالت عائشة أمَا إني سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: «كأنّي بعبد الرّحمن بن عوف على الصراط يَمِيلُ به مَرَّةً ويستقيم أُخرى حتّى يُفْلتَ ولم يَكَدْ»، قال فبلغ ذلك عبدَ الرّحمن بن عوف فقال: هي وما عليها صَدَقَةٌ، قال وما كان عليها أفضلُ منها، قال وهي يومئذٍ خمسمائة راحلة، وروي أَنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: «الَّذِي يحَافِظُ عَلَى أَزْوَاجِي مِنْ بَعْدِي هُوَ الصَّادِقُ البَّارُّ»، فكان عبد الرحمن بن عوف يخرج بهنَّ، ويحجّ معهن، ويجعل على هوادِجهنّ الطيالسة، وينزل بهنّ في الشِّعب الذي ليس له منفذ، وروت أمّ سَلَمَةَ زوج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم قالت: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول لأزواجه: «إنّ الّذي يحافظ عَلَيْكُنّ بَعْدي لهو الصادق البارّ، اللّهُمّ اسْقِ عبدَ الرّحمن بن عوف من سلسبيل الجنَّة»، ولما باع سهمه رضي الله عنه من بني النضير، بأربعين ألف دينار قَسَمَها على أزواج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وروت أمّ بكر بنت المِسْوَر أنّ عبد الرّحمن بن عوف باع أرضًا له من عثمان بأربعين ألف دينار، فقسم ذلك في فقراء بني زُهْرَةَ وفي ذي الحاجة من النّاس وفي أمّهات المؤمنين، قال المِسْوَر: فأتَيْتُ عائشة بنصيبها من ذلك فقالت: مَنْ أرسَلَ بهذا؟ قلتُ: عبد الرّحمن بن عوف، فقالت: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: «لا يحنو عَلَيْكُنّ بعدي إلاّ الصابرون، سَقَى الله ابن عوف من سلسبيل الجنّة».

وقد تولى عبد الرّحمن الشُّورى، والحجَّ، ولمّا استُخْلِفَ عمرُ بن الخطّاب سنةَ ثلاث عشرة بعث تلك السنة على الحجّ عبدَ الرّحمن بن عوف، فحَجّ بالنّاس وحَجّ مع عمر أيضًا آخرَ حجّةٍ حَجّها عمرُ سنة ثلاث وعشرين، وأذِنَ عمر تلك السنة لأزواج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في الحجّ فَحُمِلْنَ في الهوادج وبَعَثَ معهنّ عثمان بن عفّان، وعبد الرّحمن بن عوف، فكان عثمان يسير على راحلته أمامهنّ فلا يَدَعُ أحدًا يدنو منّهنّ، وكان عبد الرّحمن بن عوف يسير من ورائهنّ على راحلته فلا يدعَ أحدًا يدنو منهنّ، ولمّا استُخلِفَ عثمان بن عفّان سنة أربعٍ وعشرين بعث تلك السنة على الحجّ عبد الرّحمن بن عوف فحجّ بالنّاس.

[] وفــــاته:

مات عبد الرّحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين، وهو يومئذ ابن خمس وسبعين، وتَرَكَ عبد الرّحمن بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاةٍ بالنَّقِيعِ ومائة فرس تَرْعَى بالنَّقِيع، وكان فيما ترك ذَهَبٌ قُطعَ بالفُئُوس حتّى مَجِلَتْ أيدي الرّجال منه، وترك أربع نسوة فأُخرِجَتْ امرأةٌ من ثمُنها بثمانين ألفًا، ودُفِن بالبَقِيع، وصلَّى عليه عثمان، ويقال: الزبير بن العوام، وأَوصى عبدُ الرحمن لمن بقي ممن شهد بدرًا، لكل رجل أَربعمائة دينار، وكانوا مائة، فأَخذوها، وأَوصى بأَلف فرس في سبيل الله.

المصدر: موقع صحابة رسول الله.